ترويج الفكرة الفاسدة

image_printطباعة وتحميل هذا المقال

من أساليب ترويج الفكرة الفاسدة أن يتم إلقاؤها في نهاية عرض الأفكار الأخرى، بحيث تتسلل إلى النفس بدون أن تجد عيونًا حذرةً تكشفها، وتعري الزخرف الذي يكتنفها ويخفيها. فإنه من طبيعة الإنسان أن يستجمع في بداية اطلاعه على كتاب أو مقال أو مذهب أو نظرية، أو متابعته لمؤلف أو صاحب محتوى على الانترنت، كل ما يملك من حس نقدي يستعمله لفحص كل دقيقة وجليلة بيقظة ووعي حسب إمكانياته العقلية والذهنية والثقافية، حتى إذا طال عليه الأمد في الفحص الدقيق اليقظ الواعي، دون أن يعثر على ما فيه زخرف ظاهر أو زيف مدسوس، ملّ من شدة الفحص والمراقبة، وبدأ الكسل والنعاس يتسرب إلى مراكز المراقبة في عقله، فتهدأ نفسه، وترتخي أعصابه، ويذهب عنها الحذر والتربص، وبعدها تبدأ الطمأنينة تجاه هذا المذهب أو صاحب المحتوى تتسلل إلى قلبه رويدًا رويدًا…

فإذا اطمأن له منحه ثقته دون حذ، وقد يصل إلى حالة المستقبل المصدق الأعمى دون نقد أو اعتراض، وقد يبلغ به الأمر إلى اعتناق المذهب أو التعصب لصاحب المحتوى دون وعي أو بصيرة.
وعندما يبلغ المتلقي هذه الحالة تستطيع الأفكار المزخرفة الفاسدة التسلل إلى عمق النفس، وإلى مراكز ثوابت الأفكار، دون أن تجد عقبةً تصدها، أو مانعًا يردعها، أو جهاز تفتيش يكشف زخرفها، أو نقطة مراقبة تستبين باطلها، فتجده يردد هذه الأفكار الباطلة دون تحرير أو مناقشة، ثقةً منه بكاتبها أو بملقيها. ويستغل أهل الباطل هذه الحيلة كثيرًا جدًا فيما يقدمون ويكتبون وينشرون ويعرضون من مذاهب وأفكار ومحتوى على وسائل النشر والإعلام والتواصل الاجتماعي، لتتسلل زخارفهم إلى عمق النفوس، دون أن تستوفهم نقاط تفتيش أو فحص أو مراقبة، وقد تتحول إلى ثوابت عند المتلقي، ثم عقائد راسخة يعتنقها رغم بطلانها، ويدافع وينافح عنها.
وبهذه الحيل الشيطانية تدخل الزخارف الباطلة على المثقفين والأذكياء والنبهاء، فكيف بمن دونهم ممن لا خبرة عندهم، أو تحصيلهم من المعرفة قليل، أو حظهم في كشف الزخارف عليل؟!
فتجد السطحيين والبلهاء يندفعون بلا ترو أو تريث، وينخدعون بالزخارف والأصباغ الملونة، دون فحص دقيق لما يلقيه عليهم الشياطين في منصات التواصل الاجتماعي أو غيرها، حتى يسقطوا في مكيدة الزيف، ويسلموا أعناقهم لناحريها. وكل هذا وهم لاهون عابثون يتضاحكون، ينساقون بسذاجة تامة وغباء مطبق إلى الهاوية لا يشغلهم إلا طعم الحلوى التي تقدم لهم، فلا يفكرون فيما هم إليه صائرون، وما هم إليه سائرون، ولله الأمر من قبل ومن بعد!

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد