نقد التطور الموجه

image_printطباعة وتحميل هذا المقال

بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد..

 فهذه كلمة سريعة خاطفة بخصوص ما يُعرف باسم #التطور_الإلهي Theistic Evolution ، وخلاصته هو الجمع بين الاعتقاد في وجود الخالق وصحة نظرية داروين في صيغتها الحالية من وقوع التطور في المخلوقات عن طريق الطفرات العشوائية والانتخاب الطبيعي ..

 ويمكننا تقسيم أنصار هذا المذهب في عدة أقسام :

القسم الأول

 : يضم الربوبيين الذين يؤمنون بوجود إله خلق الكون ، ثم تركه يمضي بلا هدى ..

القسم الثاني

 : يضم أهل الأديان الذين يجمعون الاعتقاد بوجود الله والرسل والأنبياء وصحة نظرية داروين من حيث وقوع التطور عن طريق الطفرات العشوائية والانتخاب الطبيعي ..

القسم الثالث

 : يضم أهل الأديان الذين يجمعون بين الاعتقاد بوجود الله والرسل والأنبياء والاعتقاد بوقوع التطور عن طريق التوجيه الإلهي ، فهم ينكرون المكون العشوائي من نظرية داروين وينفون وقوع الصدفة ، ويعتقدون أن التطور وقع بتدبير وتخطيط إلهي حسب السنن الكونية التي وضعها الله في المخلوقات ..

 والحقيقة أن غرضي من هذه الكلمة ليس تفنيد #نظرية_التطور أو حتى نقدها ، بل مجرد بيان التناقض الحاصل بين الإيمان بوجود الله وكونه خالق الكائنات والاعتقاد بوقوع التطور ؛ فالأصل في التطور أنه وقع بصورة عشوائية عن طريق الطفرات في الجينات ، ثم جاء دور الانتخاب الطبيعي ليهذب هذه الكائنات الناتجة عن الطفرات ليحفظ الطفرات النافعة ويهلك ما سواها .. وكل الأدلة التي يسوقها أنصار التطور لإثبات نظريتهم هي أدلة على أن الكائنات تفتقر للكمال وللإحكام في الخلق ليدللوا على أنها لم تصدر عن خالق عليم حكيم ، وهذه الأدلة من نوعية ظاهرة الأعضاء الأثرية (أي: التي كان لها وظيفة في الأسلاف المفترضة وليس لها فائدة في الكائن بصورته الحالية) ، وكذلك ما يُعرف باسم الـ(Junk DNA) وهي المادة الوراثية الموجودة في الكائن بلا غرض أو حكمة أو وظيفة أو غاية ، وغيرها من الأدلة التي يشير بها الداروينيون لمسألة عدم الإحكام في الخلق وبالتالي فلا يوجد خالق عليم حكيم – من وجهة نظرهم طبعًا ..!

 المقصود أن التفسيرات الداروينية لهذه الظواهر لا تتفق والاعتقاد بوجود إله متصف بالعلم والحكمة ، ولا تتفق إطلاقًا مع الله وصفاته التي نزل بها الوحي علينا – نحن المسلمين – أو على أهل الكتب السابقة ، فهذا تناقض لا يمكن القبول به ، وعلى المرء أن يختار بين هذا أو هذا ..!

 أما من ينكرون المكون العشوائي فقط من نظرية التطور ويقبلون ما سواه ، فهؤلاء عندما نسألهم لماذا يؤمنون أصلاً بنظرية التطور وما هي الأدلة على صحتها ، يقدمون لنا نفس الأدلة التي تفيد – حسب التفسير الدارويني – وقوع العشوائية وعدم الإحكام وافتقاد الغاية والحكمة في المخلوقات ، فهذا خلل واضح في الأساس الفكري لهذه الطائفة حيث ينفون العشوائية من التطور ثم يأتون بالأدلة التي تدل عليه في نفس الوقت ، وهذا تناقض جليّ في البنية الفكرية والعلمية والمعرفية لهؤلاء القوم يحتاجون إلى التنبه إليه والسعي لتصحيحه ، فلا يمكن الجمع بين وقوع التطور ووجود الله الخالق الباريء المصور العليم الحكيم أبدًا بهذه الصورة المتناقضة ..

والعجيب أني سمعت حلقة في أحد البرامج لأحد هؤلاء – وهو من العلماء المشهود لهم بسعة العلم وغزارة الاطلاع – يدافع عن الإحكام البالغ والدقة في الخلق وينفي وقوع الصدفة أو العشوائية ، وفي نفس الحلقة يدافع عن نظرية التطور مستحضرًا نفس حجج الداروينيين عن وقوع العشوائية وعدم الإحكام في المخلوقات ، فهذا تناقض كبير يحتاج إلى مراجعة وتدبر ..

والله أعلم .

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد

‎مؤخرة الموقع