من الدفء إلى البرودة!

image_printطباعة وتحميل هذا المقال

تخرج من بيتها لكي تتعلم وتعمل وتأخذ مكانها الصحيح في المجتمع، فهي ليست كمّاً مهملاً، وليست كذلك درجة ثانية حتى نحرمها من هذه الحقوق.

فالمجتمع الذكوري يريد لنفسه أن يسيطر على كل المناصب العُليا، وعلي القوة المالية، وعلي المظاهر الاجتماعية، فتظل السياسة عملية ذكورية، والاقتصاد للقوة الذكورية، ويهيمن على الاجتماعيات هذا النوع الذكوري، وتظل المرأة بعيدة عن كل هذه الواجهات وكأنها نكرة أو عورة أو درجة ثانية!

وبذلك ستظل المرأة تحت هيمنة هذا الظالم المفتري والذي يُسمي نفسه رجلاً!
وهنا لابد من وقفة وصرخة وانقلاب، وقفة مع هذا الوضع المقلوب، وصرخة ضد هذا اَلظُّلْم المنتشر، وانقلاب حتى تعود الحقوق لأهلها، وتصبح المرأة رئيسة للبلاد ووزيرة وقاضية وعمدة ومأذوناً وحكماً لمباريات الكرة وسائقة للنقل الثقيل وضابطاً في جهاز الشرطة وفي وزارة الدفاع وفي كل مكان، فالمساواة تقتضي أن تحصل المرأة على كافة الحقوق التي يحصل عليها الرجل.

 وعليه: فكما تتعلم المرأة في الجامعات ويُنفِق عليها أهلها الكثير من المال، فيجب أن تقتحم سوق العمل حتى لا يُصبح إنفاق هذا المال كله هباءً منثوراً، فهل يوجد عاقل ينفق آلاف الجنيهات، (والتي أحياناً تتعدى المليون في الجامعات الخاصة)، ثم يضع هذه الأموال كلها في ورقة تُسمى شهادة جامعية!
وكأنه اشترى ورقة تُستعمَل كهيئة اجتماعية بكل هذا المال؟ !
فلابد أن تعمل بهذه الشهادة حتى لا يضيع تعبها على الأرض.

وبعد أن يتم اقتحام المرأة لسوق العمل مساواة بالرجال، فلابد أن ندرك هذه التغيرات التي حدثت في المجتمع، فبعد زواج المرأة العاملة لم يعد الرجل هو الذي ينفق على بيته بمفرده، ولم تعد المرأة تنتظره في منزل الزوجية كما كانت في سابق الأيام، بل هي تنفق معه يداً بيد، وتجتهد معه كتفاً بكتف، ولذلك فمن باب المساواة يجب على هذا الزوج أن يساعدها في شئون البيت، وليس عيباً أن يطبخ الرجل ويغسل ويمسح، والنساء يعرفن جيداً بعض النصوص الشرعية التي تؤيد ذلك مثل حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في خدمة أهله!

 مع أن السيدة عائشة استعملت عبارة ذكورية سلطوية وهي نسبة الزوجة إلى الرجل وكأنها تحت ولايته وواحدة من أهله، بل نُسبت إليه لأن الرجل بطبيعته مركوز فيه حماية أهله والحفاظ على عرضه. بل إن الحرص على خدمتها جزء من هذه الحماية، فقد يصيبها من النفور أو التعب (خصوصاً عندما تأتيها دورتها الشهرية) مما قد يصل بها إلى حالة من التوتر والقلق وأحياناً النرفزة والغضب!
فمن الذي سيحتويها أو يقف بجوارها لأنها قطعة منه ويسميها الناس أنها من أهله!

ولكن هذه المعاني ليست في قاموس المساواة، لأن المساواة ليست فيها حماية دون أجر، ولا خدمة دون مقابل، وليس فيها ولاية ولا يحزنون، فهذه المعاني الذكورية يجب أن تُهدم ويُبنى مكانها معاني البنت زي الولد وليست كمالة عدد!

وبالطبع فإن الرجال بسبب سيطرة الجينات الذكورية على عقولهم فإنهم ورغم معرفتهم بتضحيات المرأة الكبرى وتخليها عن دورها كأم ومربية أجيال ومدرسة للقيم وجامعة للأخلاق وصانعة لأمهات المستقبل، ولديها تركيز تام لهذه المهمة لأنها تدرك أن المدارس والجامعات التي يغيب عن فصولها ومدرّجاتها المدرس أو الأستاذ الجامعي تُسيطر عليها الفوضى والضعف لأن المدرس اتجه للدروس الخصوصية وأستاذ الجامعة اتجه إلى الانشغال بطلبة الدراسات العليا لأن العائد المالي هناك أكبر!
وكل ذلك من أجل المساهمة في الإنفاق على منزل الزوجية والمشاركة في الحفاظ على حقوق المرأة المكتسبة. . . إلخ إلخ
فإنهم (أي الأزواج) لا يرضون بوصول المرأة إلى هذا المستوى من المساواة، فيتعمدون إحداث المشاكل، والتعليق على التقصير الذي يحدث من الزوجات بسبب العمل والإرهاق والتعب وركوب المواصلات وغير ذلك، وفي نفس الوقت لا يقوم بعمله داخل البيت لأنه يأنف من ذلك!

ولأن الرجال الظلمة لا يرتضون بهذه الطريقة أو بهذا التعاون، فلقد قررت مجموعة من النساء (لهن اهتمام خاص بالسعي نحو حصول المرأة على كافة حقوقها من عين الرجال) أن تساعد الفتيات على عدم الوقوع في هذه المشاكل مستقبلاً، وذلك بترغيب الفتيات في الاستقلال بعيداً عن أسرهم، حتى لا يرغمها أحد على الزواج من هؤلاء الذكور!
فطالما أصبحت المرأة عاملة ولديها الضمان المالي والمركز الاجتماعي فلماذا تظل تحت سقف واحد مع أب متسلّط أو أخ ذكوري؟ !
يسألها عن مالها مرة، وعن ملابسها مرة، وعن خروجها ومواعيد عودتها مرة، ومن تصادق؟ ! > قسم دراسة الإلحاد – مركز الفتح للبحوث والدراسات: ومع من تخرج؟ ! ومثل هذه الأسئلة التي لم تعُد تناسب هذا الزمان ولا هذا الجيل، بل مسألة الولاية هذه تناسب الجاهلات أو الأطفال، ولم تعد تناسب المتعلّمات الحاصلات على أعلى الشهادات والعاملات في أرقى المناصب!

بل ويصل بهم الأمر إلى ترغيب بعضهن البعض إلى عدم تكوين أسرة حيث التحكّمات الفارغة وتحمل مسئولية الأولاد وحدها، وخوض معارك التربية والرعاية، بدعوى هذه المصطلحات الإنشائية الأم مدرسة ومربية وجامعة وووووو … الخ الخ، فلن يتم الضحك علينا مرة أخرى بمثل هذا!

وبعد أن تستقل الفتاة، أو أن تطلب الزوجة الطلاق، وبعد حصولها على مبتغاها، وتصبح لها غرفة مستقلة لا يشاركها فيها أحد، لتنام بمفردها بعيداً عن عناء السنين، والاستيقاظ من أجل طفل يبكي، أو زوج يعود متأخراً ويريد أن يتناول العشاء، فإنها تنام ورأسها فوق وسادتها، بعيداً عن خنقة الأب وتسلّط الأخ وذكورية الزوج، بلا إنجاب ولا مستقبل أسري إلا مستقبلها المهني، وبذلك تنعم المرأة بانتصارها الكبير على هذا المجتمع العليل، وسيبكي الرجال بدل الدموع دَم، ندماً على ما وقعوا فيه من ظُلم، بل ندماً على ذكوريتهما البغيضة وتسلّطهم القميء!

أمّا وصفها بأن هذه المرأة المنتصرة نائمة بقدم باردة وروح تائهة وبعيداً عن بسمة طفل أو مداعبة بنت، أو عدم شعورها بدفء الأسرة أو وجودها بين أبٍ أو أم، وأن لها درع وسيف يحميانها من غدر الأوباش ومن صراع الحياة، فكل ذلك أيضاً كلاماً إنشائيا لا فائدة منه، فلقد أخذت المرأة قرارها بأنها ستعيش وحدها وستموت وحدها وستُدفن بعدها في مقابر الصدقة بعد وصيتها ألا تُدفن في مقابر عائلتها الذكورية!

تنبيه: ليس معنى ذلك أن الرجل مظلوم وأنه مسالم وغير ذلك من المعاني، بل منهم من لا يجوز له أن يتزوج أو تكون له الولاية على أحد بسبب فساده أو انعدام مسئوليته أو إدمانه للمحرمات أو غير ذلك من أسباب الفساد والإفساد، وإنما هذا المقال يُشير إلى بعض مداخل الذين يريدون للمرأة الاتجاه إلى هذا المسار!

الأسرة أمن وأمان
إصلاح البيوت
الحركة النسوية
حقوق المرأة

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد

‎مؤخرة الموقع