النظام غير القابل للاختزال هو نظام واحد مكون من أجزاء مترابطة بشكل صحيح تتفاعل فيما بينها من أجل تأدية وظيفة معينة بحيث إذا نقص أو تلف جزء واحد فقط من هذه الأجزاء فكل النظام يتوقف عن العمل. فأي نظام ذي تعقيد غير قابل للاختزال لا يمكن أن يكون نتاجا مباشرا لتغيرات طفيفة ومتوالية لنظام معد سلفا لأن النظام غير القابل للاختزال الذي ينقصه جزء واحد فقط لا يعد صالحا أصلا للعمل.
وتظهر قوة هذا المفهوم في مقابل نظرية التطور لداروين التي تفسر نشأة التعقيد والتركيب البالغ في الكائنات الحية عن طريق وقوع تغيرات صغيرة تدريجية على مدى زمني كبير مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور كل هذا التعقيد والنظام في الكائنات الحية. وبضرب البروفيسور الملحد ريتشارد دوكينز مثالاً لهذا التفسير الدارويني بالجبل الشاهق المرتفع الذي لا يمكن صعوده دفعة واحدة، بل لابد أن نصعده خطوة خطوة، وأن صعود الجبل بهذه الطريقة التدريجية هو الأقرب للعقل والمنطق[1]. وفي هذا المقام ينبغي أن نشير إلى مقولة تشارلز داروين: (إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يُرجَّح أن يكون قد تكَّون عن طريق تحولات عديدة ومتوالية وطفيفة ، فسوف تنهار نظريتي انهيارًا كاملاً)[2]. وهذا الكلام سليم ومنطقي تمامًا؛ لأن بناء النظرية كله يقوم على التدرج والعشوائية، فإذا ثبت وجود نظام معقد لا يمكن أن يتكون بالتدريج فسيعني هذا عجز النظرية عن التفسير وبالتالي سقوطها، خصوصًا أنها تقدم نفسها على أنها تقدم تفسيرًا لكل أشكال الحياة على سطح الأرض!
في عام 1996 قام البروفيسور الأمريكي مايكل بيهي Michael Behe بتأليف كتابه (صندوق داروين الأسود) Darwin’s Black Box الذي وضع فيه أطروحة التعقيد غير القابل للاختزال Irreducible Complexity والتي تضرب العديد من الأمثلة لأنظمة حيوية معقدة بشكل لا يقبل الاختزال بحيث أنه لا يمكنه القيام بأي وظيفة إذا فقد منه جزء واحد فقط، وضرب مثالاً تقريبيًا لهذا بمصيدة الفئران التي تتكون من لوح خشبي وزنبرك ورافعة وقطعة من الجبن، وأن غياب أي جزء من هذه المصيدة سيؤدي إلى عدم قيامها بوظيفتها.

ثم ضرب العديد من الأمثلة لهذا النظام غير القابل للاختزال في الكائنات الحيوية مثل السوط البكتيري وسلسلة عوامل التجلط.

فهذا المفهوم بما يتضمنه من أمثلة في الكائنات الحية والأنظمة الحيوية فيها يدل على بطلان التفسير الدارويني المادي، ويفيد ضرورة الافتقار إلى الخالق البارئ المصور المتصف بالعلم والحكمة والقدرة.
[1] Dawkins, God Delusion, pp. 111-112
[2] Darwin, C. (1872) Origin of Species, 6th ed. (1988), New York University Press, New York, p. 154