الوسواس القهري الديني – الإضاءة الثانية

image_printطباعة وتحميل هذا المقال

كنا قد وضعنا في #الإضاءة_الأولى مقدمة عامة حول موضوع الوسواس القهري الديني مع توضيح بعض التعريفات المهمة ، وكما وعدناكم باستكمال هذه السلسلة ها نحن اليوم نستكمل الحوار ونتحدث عن أهم الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا المرض، وليس الهدف من ذكر هذه الأسباب هو سرد وصف دقيق لها، أو أنها تعتبر مرجعًا في هذا الشأن بقدر ما هي توضيح للقاريء أو للشخص الذي يعاني من هذه المشكلة أن هناك شيئًا ما بحاجة إلى علاج دوائي أو معرفي أو سلوكي ، وهذا الشيء ليس بسبب قلة التدين أو ضعف الإيمان أو غياب الإرادة أو التقصير في الأذكار والدعوات المأثورة.

إنه شيء ما حدث بسبب اضطراب في النواقل العصبية في المخ – أي بسبب عضوي – وهذا الأمر قريب الشبه بمرض السكر حيث أن له سببًا عضويًا ، وهو اضطراب مادة الانسولين وعمليات التمثيل الغذائي للسكر وليس لمرض السكر علاقة بالإيمان أو الإرادة أو الأذكار أو الدعوات.

ولوحظ أن أعراض الوسواس القهري قد تبدأ في الظهور عقب ضغوط شديدة سواء بسبب العمل أو الدراسة أو الأسرة أو غير ذلك

وهذه الأسباب هي:

1⃣ عوامل حيوية:

أ – النواقل العصبية :

لقد دعمت المحاولات العلاجية التي استخدمت فيها الأدوية فرضية أن هناك اضطراب في الناقل العصبي السيروتونين – [ناقل عصبي له دور مهم في عمليات عديدة، مثل: النوم ، الشهية ، وحرارة الجسم ، الألم ، والعدوانية والمزاج] – في عملية تكوين الأعراض في الوساوس القهرية وبعض النواقل العصبية الأخرى.

ب- دراسات تصوير المخ:

لقد بينت دراسات تمت عن طريق التصوير الطبقي بالانبعاث البوزيتروني زيادة في تدفق الدم والتمثيل الغذائي في الفص الجبهي والعقد القاعدية وأجزاء أخرى في المخ وعند إعطاء العلاج الدوائي والمعرفي السلوكي تنعكس هذه الاضطرابات وتتحسن حالة المريض.

وقد بينت دراسات الأشعة المقطعية والأشعة بالرنين المغناطيسي صغر في حجم النواة المذيلة على الجانبين في مرضى الوساوس القهرية.

جـ- الوراثة:

دعمت الدراسات الوراثية فرضية أنه يوجد تأثير للعامل الوراثي في نشأة الوساوس القهرية ، وقد أوضحت الدراسات الأسرية أن 35% من الأقارب من الدرجة الأولى لمرضى الوساوس القهرية مصابون بالمرض نفسه.

ومن المعروف أن الفص الجبهي من القشرة المخية لديه القدرة على التحكم في نشاط العقد القاعدية عن طريق ألياف عصبية تصل بينهما، ولوحظ أنه عند نقص مادة السيروتونين في العقد القاعدية خصوصًا النواة المذيلة تنشط المراكز العصبية في هذه الأجزاء ويفقد الفص الجبهي من القشرة المخية السيطرة عليها فيفقد الإنسان القدرة على التحكم في أفكاره ومن ثم أفعاله؛ فتبدأ أعراض الوسواس القهري في الظهور. وبالطبع يحدث هذا في الأشخاص الذين لديهم استعداد بيولوجي وراثي لنقص مادة السيروتونين عند تعرضهم لأي ضغوط حياتية.

2⃣ العوامل السلوكية:

عندما يكتشف شخصًا ما أن أفعالاً معينة تقلل من القلق المصاحب لفكرة وسواسية يطور المريض أفعالاً تجنبية( أي يتجنب المثير المقلق) في صورة أفعال قهرية أو طقوس سلوكية للتحكم في القلق.

3⃣ العوامل النفسية:

لم تثبت بصورة قاطعة العلاقة بين اضطراب الوسواس القهرى والشخصية الوسواسية، ومعظم مرضي الوساوس القهرية لم يعانوا فى بدء حياتهم أو قبل المرض من السمات الوسواسية وهى ليست مهمة أو كافية لحدوث المرض.

وهناك فقط من 15- 30 % من المرضي كانوا فعلاً من الشخصية الوسواسية.

#يتبع

#المصدر: د. محمد شريف سالم، أخصائي الطب النفسي.

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد