توصيات منهجية للعاملين في ملف الإلحاد

image_printطباعة وتحميل هذا المقال
  1. الموضوعية في الطرح وفي وصف الواقع، ومن الأمثلة على هذا:
  2. لا توجد مصلحة في الكلام عن نظرية داروين بأنها انتهت وزالت من الوجود، بينما العكس هو الصحيح في المؤسسات العلمية الأكاديمية والجامعات الغربية. وتعتبر نظرية التطور الداروينية هي التفسير العلمي المعتمد في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في الغرب لظهور الأنواع المختلفة من الكائنات الحية على وجه الأرض، بل إن من يعارضها أو ينتقدها يلقى الكثير من التضييق والإقصاء من المجتمع العلمي حيث يتم منع أبحاثه من النشر في المجلات العلمية المعتمدة وحرمانه من الترقية في السلك الأكاديمي والطعن في مصداقيته العلمية. فهي رغم بطلانها لا يمكننا أن نزعم أنها انتهت وزالت من الوجود!
  3. الامتناع عن استعمال ما يسمى بعلوم الطاقة والبحوث الروحية في الرد على الماديين، مثل التخاطر والتحريك عن بعد والاستبصار والاسقاط النجمي وقانون الجذب وغيرها[1]، لأنها في كثير من الأحوال تكون غير موثقة ومفبركة حتى أنها تسمى بالعلم الزائف Pseudoscience، وتكون سببًا في فقدان مصداقية المدافع عن الإيمان وبالتالي خسارته لقضيته، فالأولى الاعراض عن هذا المسلك بالكلية، وقد سبق فيه بعض المفكرين المسلمين في منتصف القرن العشرين الذين يردون على الماديين مثل الأستاذ محمد فريد وجدي الذي أطال النفس جدا في الاستشهاد بهذه البحوث، وكذلك الأستاذ وحيد الدين خان في كتابه (الإسلام يتحدى).
  4. البعد عن أطروحات الإعجاز العلمي إلا فيما ثبتت صحته ودلالته بيقين، لأنه مجال تكثر فيه المبالغات والمزايدات والتكلف في التأويل بشكل يؤدي إلى الضرر بقضية الإيمان كلها للأسف.
  5. عدم تسطيح الحالة الإلحادية واختزالها في عامل واحد ثم تعميمه (الملاحدة أتباع شهوات – موضة – طلب الشهرة).
  6. تجديد الخطاب الشرعي لأجل التعامل مع هذه النازلة العقدية، فعلى سبيل المثال:
  7. عودة الاهتمام بتدريس الأدلة على وجود الله وصفاته وصحة النبوة والحكمة الإلهية ووجود الشرور، وجعلها جزءًا من الدرس العقدي المعاصر الذي يتوجه لطلبة العلم الشرعي، بحيث لا يكون لديهم قصور علمي في هذا الباب.
  8. إعادة صياغة الأدلة الشرعية بلغة عصرية مناسبة للجمهور، بحيث يمكن رفع الوعي الديني لدى قطاعات كبيرة من الناس.
  9. ضرورة المساهمة الإيجابية والنشطة في مجال الرد على الإلحاد، مثل:
  10. تأليف وترجمة الكتب والمقالات.
  11. إقامة الندوات والمؤتمرات العامة وورش العمل.
  12. النشاط على مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي سواء بالكتابات أو الأعمال الفيديوية.
  13. استثمار أدوات العلم التجريبي في الرد على الأطروحات الإلحادية، مثل: المعلومات الحيوية، الضبط الدقيق للكون، التعقيد غير القابل للاختزال.
  14. تحرير العلاقة بين النص الشرعي ومعطيات العلم الطبيعي خصوصًا عند وقوع التعارض، والانتفاع بنموذج ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل[2].
  15. عدم الاكتفاء بالدفاع وتوجيه النقد للأطروحات الإلحادية، مثل: الحتمية البيولوجية والسلوكية، موقف الإلحاد من الأخلاق.
  16. ليس من الضروري أن يدرس الباحث الرد على كل الشبهات ، بل ينبغي أن تكون لديه منهجية يحتكم إليها ، فمثلاً إن كانت الشبهة حول حديث نبوي فيكون السبيل لرد الشبهة هي التأكد أولاً من صحة الحديث ثم من معناه وتطبيقاته وسياقه وكيفية فهم الأئمة الأعلام له ، وإن كانت حول آية في كتاب الله فيكون السبيل لردها هو النظر في سياق الآية وسبب نزولها وتفسيرها المعتمد عند السلف وموقعها بين الآيات التي تناولت نفس موضوعها ، وهكذا . فالأهم هو وجود المنهجية العلمية السليمة، وليس حفظ الردود على الشبهات.
  17. ترسيخ الحضور القرآني في الخطاب الموجه للملاحدة سواء الخطاب القرآني العقلاني أو الوجداني؛ حيث أن له تأثيرًا مبهرًا في النفس وله قدرة عجيبة على استنطاق الفطرة الربانية داخل الإنسان. ولهذا الموضوع أهمية كبيرة في الحوار مع الملحد أو المتشكك للأسباب التالية:
  18. أن يعرف الملحد أن القرآن تناول هذه المسألة، لأن الكثيرين يعتقدون أن القرآن كتاب ديني، وبالتالي فهو عبارة عن بضعة روحانيات وغيبيات ودروشة، بينما الواقع أن البيان التام هو بيان القرآن لأنه كلام الله، والله أعلم وأحكم وأفصح، وقد أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وهو الغاية في أبواب الدين كلها، ولا سيما أصول الدين والإيمان. ومسلك القرآن في الاستدلال هو المسلك الحق الخالي عن الفساد والبطلان، لأنه حق ونور وضياء وهدى، وقد دلنا على أفضل الطرق في الاستدلال والبرهان، وفيه البراهين العقلية القاطعة، وقد نزل لقوم يتفكرون. فهو لا يرشدنا فقط لأنباء الغيب والإيمانيات والروحانيات، بل أيضًا يعلمنا طرق الاستدلال الصحيحة السليمة وكيف نرد على المنكرين.
  19. أن يعرف المخالف أن ردودنا ومنهجنا مستمد من القرآن، فيزداد ثقة في محاوره وتزداد مصداقية كلامه عنده، لأنه حينها سيكون على بصيرة أن المحاور المسلم لا يسعى لكسب النقاش عن طريق الحيل العقلية أو ذكر أمور لا يعتقدها حقيقةً، بل هو يناقشه اعتمادًا على أرضية صلبة وبناءً على علم راسخ في دينه وكتابه ودليله.
  20. أن القرآن نفسه فيه الأدلة العقلية المطلوبة للحوار والنقاش، فإن ((أصول الدين الحق الذي أنزل الله به كتابه وأرسل به رسوله وهي الأدلة والبراهين والآيات الدالة على ذلك: قد بينها الرسول أحسن بيان وأنه دل الناس وهداهم إلى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية التي بها يعلمون المطالب الإلهية وبها يعلمون إثبات ربوبية الله ووحدانيته وصفاته وصدق رسوله والمعاد وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته بالأدلة العقلية بل وما يمكن بيانه بالأدلة العقلية وإن كان لا يحتاج إليها; فإن كثيرا من الأمور تعرف بالخبر الصادق ومع هذا فالرسول بين الأدلة العقلية الدالة عليها; فجمع بين الطريقين: السمعي; والعقلي))[3].
  21.  الوقاية ضد الإلحاد في الخطاب الديني الموجه لعموم المسلمين، ومثال على ذلك:
  22. الحث على عبودية التفكر في خلق الله عن طريق ذكر النصوص الواردة في الحث على التفكر، ثم بيان كيفية التفكر في إبداع الخلق في السماء والأرض والبر والبحر والنجوم والأشجار والنباتات والحيوانات، وفي آيات الله البينات في جسم الإنسان وعمل أجهزته المختلفة وما فه من الدقة والإتقان والإحكام، وفي مظاهر العناية الإلهية في جميع المخلوقات. قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[4]، فإن إمعان النظر في خلق الله والإكثار من التأمل والتدبر يورث في النفس علمًا ضروريًا ويقينًا جازمًا بوجود الخالق واتصافه بالعلم والحكمة واللطف والرحمة والعناية والتدبير، حتى إذا وردت عليه شبهة أو شك صرفه بسرعة وسهولة لما فيه قلبه من الإيمان الجازم والاطمئنان القلبي المبني على شهادة الحواس وتدبر العقل ويقين القلب.
  23. كثرة الحديث عن دلائل صدق النبوة من خلق النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وسيرته وإعجاز القرآن وغيرها، فهذا يساهم في رفع مستوى الوعي لدى عوام المسلمين بصدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة دين الإسلام، بحيث لو صادفت أحدهم شبهة أو شك كان لديه من العلم والدلائل والإيمان واليقين ما يحميه ويعصمه من الشكوك والشبهات.
  24.  التأكيد على بث إنطباع اليقين الإيماني والاطمئنان القلبي ونشر الثقة بلاعقلانية الإلحاد، وهذا أمر مهم خصوصًا في الحوارات مع المتشككين وأصحاب الشبهات. أذكر أن أحد الشباب راسلني بأنه ألحد من عدة أيام، فسألته عن السبب، فقال إن لديه شبهات ولم يجد لها جوابًا، فقلت له إن الشبهات لا ينفع أن تكون سببًا للإلحاد لأن الإيمان أصل ويقين ولا يصح أن يزول بالشبهة العارضة، ثم طلبت منه أن يخبرني عن هذه الشبهات، فأرسل لي قائمة طويلة جدا بها شبهات عديدة، فأجبت له عن أول شبهة ثم التي تليها ثم إجابات مختصرة على بعض الشبهات وأحلته إلى مصادر فيها الردود على بقية الشبهات بحيث يقرأها ثم نعود مرة ثانية للحوار. وبعد عدة أيام كلمت هذا الشاب فقال لي إنه عاد لتوه من صلاة العصر، ففرحت جدًا وسألته: هل قرأت المصادر التي أخبرتك بها؟ فقال: لا، لكني لما وجدتك تتكلم بثقة وعندك ردود على الشبهات، أدركت أن لم يكن لي أن أترك الإسلام لأجل هذه الشبهات.

[1] انظر هذا الفيديو كمثال على هذا المسلك بعنوان: العلم يعترف مضطرًا بوجود الروح:

[2] انظر للمؤلف كتاب (الإسلام والعلم) وكتاب (التطور الموجه بين العلم والدين) من إصدارات مركز براهين.

[3] ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج19 ص100

[4] سورة آل عمران، الآيات 190-191

‎أضف رد

I don't publish guest or sponsored posts on this site. But thanks anyway. :)

:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد

‎مؤخرة الموقع